النحل مهدد بالإنقراض

ينسب إلى ألبرت آينشتاين أنه قال ذات مرة “بعد موت آخر نحلة على كوكب الأرض سيبدأ البشر بالانقراض”، وعلى الرغم من أنه لا توجد تأكيدات على صحة هذا الاقتباس فإن النحل وبقية حشرات العالم مهددة بالفناء، وذلك يؤثر قطعا على حياتنا.

يُعد النحل حشرات اجتماعية تعيش في مجموعات منظمة، تعمل كوحدة واحدة للحفاظ على نوعها، وخدمة الأنظمة البيئية التي تعيش فيها. وتكمن أهمية النحل البري بمختلِف أنواعه في قدرته على تلقيح الأزهار، مما يشكل حجر الزاوية في تكاثر النباتات، ومن ثم الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية وإنتاج الثمار المهمة لغذاء الإنسان والحيوان. ويشكل التوسُّع العمراني والإفراط في استخدام المبيدات الحشرية وتغيُّرات المناخ أبرز العوامل في تهديد الأنواع البرية من النحل، مما أدى إلى إدراج بعض تلك الأنواع على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة (IUCN).

وقد شهدت  عدد من دول العالم في السنوات الأخيرة ظاهرةً غريبة عليها، باتت تُعرف بـ”الاختفاء المفاجئ” لنحل العسل البري. فبحسب دراستين صدرتا عن جامعة أوتاوا الكندية، فإن النحل في العموم -وتحديدا النحل الطنان- يواجه حاليا مخاطر الانقراض بسبب التغيرات المناخية وتصاعد شدتها خلال العقود القليلة السابقة.وجاءت النتائج -التي نشرت في دورية “ساينس” في 6  فيفري الحالي- لتقول إنه خلال ثلاثة عقود فقط انخفضت أعداد هذا النوع من النحل بمقدار 30%، ويتفق ذلك -بحسب الدراسة- مع تعريف الانقراض.وفي إحصائيات صدرت عن مراكز بحثية في  ألمانيا فإن أكثر من نصف أنواع النحل البري البالغ 600 نوع أصبح مهددا بالانقراض.

و طبقًا لأبحاث جامعة أوريجون ، فإن أعداد النحل في تناقص رهيب وبمعدّلات سريعة، فحتى الآن سبعة أنواعٍ مهددة بالانقراض بالفعل.

ونقلت شبكة “سي. إن. إن” الإخبارية الأمريكية مؤخرًا عن مسؤولين في وزارة الزراعة الأمريكية قولهم إن عدد النحل انخفض في الولايات المتحدة بنسبة 17% العام الماضي.

وكانت الجمعية البريطانية للنحل أفادت في وقت سابق بأن عدد النحل انخفض في المملكة المتحدة بنسبة 17% العام الماضي أيضًا.

وطبقًا لما ذكرته الـ”بي بي سي” في تقرير عن انقراض النحل أنه يعني اختفاء 70 من أصل مئة نوع من محاصيل غذائية رئيسية في العالم، نتيجة توقّف عملية التلقيح الذي يوفّره النحل لتلك المحاصيل، وبانخفاض محاصيل بقيمة 30 مليار دولار في السنة، قد يُواجه ثلثا سكان العالم خطر الموت جوعًا، وهذه فقط البداية، فمع اختفاء النباتات ستختفي أنواع كثيرة من الحيوانات العاشبة، وهكذا، حتى يُقضى علينا، نحن القابعين في قمّة هرم السلسلة الغذائية.

أسباب انقراض النحل

حدّدت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية للأغذية 40 سببًا لانقراض النحل، فالمبيدات الحشرية لا تمثل السبب الوحيد لموت النحل وذلك منذ بداية التسعينيات في فرنسا خلافًا لما يؤكده مربّو النحل.

والدليل على صحة كلام الوكالة أنه منذ منع استعمال المبيدات على بذور عباد الشمس والذرة لم تشهد الأمور تحسنًا، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن صحة النحل لم تتوقف عن الانحدار في كل أنحاء العالم.

و ترجع الوكالة التناقص في أعداد النحل الى فطريات مصدرها أندونيسيا.

ضمن أسباب انقراض النحل أيضًا، تلقيح الملكات منذ السنوات 1980 و1990، فقد دأب عدد من مربي النحل على شراء ملكات نحل من إيطاليا أو القوقاز مفضلين ذلك على النحل الأسود المحلي الأقل إنتاجًا والأكثر شراسة لكن فقدان الكثير من جماعات النحل زاد من تفاقم المشكل.

فهذه التجارة تسببت في الاختلاط الجيني وهذا ما ورد في تقرير الـAFSSA، وهناك القليل من الدراسات العلمية التي واجهت هذه المسألة الصعبة.

لم تقتصر الأسباب المؤدية لانقراض النحل على العوامل الزراعية والبيئية التي تم ذكرها أعلاه بل دخلت التكنولوجيا الحديثة ضمن القائمة، فقد حمّلت دراسة جديدة الإشعاعات المنبعثة من الهواتف الخلوية مسؤولية خفض أعداد النحل في العالم.

ويعتقد باحثون هنود أن الإشعاعات المنبعثة من الهواتف الخلوية مسؤولة عن فقدان بعض النحل، ووضع باحثون في جامعة البنجاب بجنوب الهند هواتف خلوية قرب قفير نحل لمدة ربع ساعة يوميًا وبعد مضي ثلاثة أشهر على ذلك تبين لهم أن النحل توقف عن إنتاج العسل، كما أن البيض الذي تضعه ملكة النحل انخفض بنسبة النصف وتراجع حجم القفير بشكل كبير.

وحتى على الصعيد السياسي أصبح موضوع النحل يأخذ حيزا مهما من النقاشات، حيث طالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) باتخاذ إجراءات لمواجهة خطر انقراض النحل. وطالبت كتلة حزب الخضر في البرلمان، الحكومة بحظر جميع المبيدات الضارة بالنحل التي يتم استخدامها في الزراعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *