علي بوحاجب، أول صيدلي تونسي

هو  أول صيدلي تونسي، من أبرز أبناء تونس في الفترة الأولى للحماية الفرنسية .

ولد  في تونس العاصمة في اواخر سنة 1887. بعد سنوات قليلة من إنتصاب الحماية الفرنسية على تونس . وأصْل لقبه العائلي هو كشّوخ. وهي  عائلة معروفة من بلدة بنبلة بجهة الساحل، حلّت بتونس العاصمة واستقرّت بها. وفضّل علي كشّوخ تغيير لقبه. فأصدر حكما في ذلك. فاختار لقب  والدته (بوحاجب) نسبة زهرة بوحاجب . وهي  إبنة المصلح المعروف سالم بوحاجب 1824-1924و الذي تولى مناصب عدة بينها الإفتاء و  عمل مع المصلح الوزير الأكبر خير الدين باشا في عهد الصادق باي.

و كان من  بين أخواله الطبيب حسين بوحاجب 1872- 1946  و هو من رواد الإصلاح في بداية القرن و مؤسس عديد الجمعيات الرياضية و الفنية و خليل بوحاجب  1863-1942  الذي شغل خطة وزير أكبر بعد أن تقلب بين عديد الوظائف الإدارية السامية و الخطط القضائية وتزوج خليل بوحاجب من الأميرة المصرية نازلي فاضل حفيدة محمد علي باشا  و كانت من اولى السيدات في العالم العربي التي إختلطت بالرجال و كان لها صالون أدبيي معروف .

كما كان والد على بوحاجب ، محمد كشوخ موظفا ساميا في عهد محمد الصادق باي.

و نشأ علي بوحاجب في أسرة متعلمة تدعو للتقدم و تعمل على النهضة الفكرية و الثقافية لوطنها، في حي سوق البلاط بتونس . ثمّ دخل المعهد الثانوي الفرنسي المعروف “ليسي كارنو” بتونس الكائن ب”الحي الأوروبي” لمدينة تونس. فكان من أنجب التلاميذ. وأتقن اللغة الفرنسيّة. ونجح علي بوحاجب في امتحان الباكالوريا الفرنسيّة بامتياز، منذ الدورة الأولى لسنة 1908، فقرّر متابعة تعليمه العالي بفرنسا.  حيث درس بكلّية الصيدلة بتولوز وحصل بتفوّق على ديبلوم الصيدلة في سنة 1913.

عاد علي بوحاجب إلى العاصمة التونسية لمزاولة العمل الصيدلي. فحاول أوّلا الدّخول إلى معهد باستور. ولكن رفض مطلبه دون تعليل. والسّبب الحقيقي لهذا الرفض هو أنّ السّياسة الاستعماريّة تخصّص مثل هذه المناصب الطبيّة والصيدلية لأصحاب الجنسيّة الفرنسيّة دون سواهم. وفي هذه الحالة، بادر علي بوحاجب بتأسيس صيدليّة جديدة خاصّة  في الحي الأوروبي  في العاصمة التونسية، وسط حيّ جلّ متساكنيه من الأجانب غير التونسيين المسلمين. فوجد نفسه غريبا في هذه المنطقة. وأمام العدد القليل من الزّبائن، اضطرّ علي بوحاجب إلى نقل هذه الصيدلية إلى قلب المدينة بالعاصمة. فاختار حيّ الحلفاوين، قرب باب السويقة، وهو حيّ شعبي حافل، جميع سكّانه من التّونسيين المسلمين. فكانت أوّل صيدلية تفتح بالمكان. وسمّاها “الصيدلية الاسلاميّة الكبرى”.

وهنا باشر علي بوحاجب مهنته طيلة حياته، بين مواطنيه، مقدّما لهم جليل الخدمات الصحيّة والإنسانية، محبوبا من النّاس، وجلّهم من أبناء الشعب. وهذه المنطقة من المدينة معروفة في التّاريخ الحديث والمعاصر بحماسها الوطني ومقاومتها للمستعمر الفرنسي.

وساهم علي بوحاجب في تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1920 ، و الذي كان جزبا وطنيا قاوم مظالم الإستعمار الفرنسي

و كان من بين مناضليه فكان يكتب المقالات في جريدة العمل التونسي لسان الحزب الدستوري، رفقة عدّة زعماء وكان الحبيب بورقيبة لا يكنّ حبّا وافرا لعلي بوحاجب لميله إلى جماعة الثعالبي. ولكنّه يعترف له بمهارته وإتقانه للغة الفرنسيّة وامتيازه في التحرير الصحفي.

في سنة 1947، جرت محاولات من قبل بعض التونسيين “المستقلّين عن الحزب الدستوري” للدّخول في التفاوض مع السّلط الفرنسيّة لادخال بعض الاصلاحات السياسيّة.فكلّف الباي محمد الأمين باشا المحامي مصطفى الكعاك بتشكيل حكومة جديدة. عيّن علي بوحاجب يوم 26 جويلية 1947 على رأس وزارة الصحة العمومية في هذه الحكومة.والجدير بالذكر أنّ الصحّة كانت تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. فأصبح علي بوحاجب أوّل وزير في الحكومة التونسية يشرف على الوزارة الجديدة القائمة بذاتها.

وقد اقترن ميلاد هذه الوزارة بتأسيس مجلس هيئة الصّيادلة.وذلك بمقتضى أمر عليّ بتاريخ 10 جويلية1947، صدر بالرّائد الرّسمي عدد 57 يوم 15 جويلية 1947. ونظّم هذا الأمر المهن الصيدليّة تنظيما عصريّا، وتمّ انتخاب المجلس من قبل الصّيادلة المزاولين بالمملكة التونسية، دون اعتبار جنسيّتهم.

وتولّى علي بوحاجب الوزارة مدّة ثلاث سنوات. وكانت من أبرز إنجازاته حملات التلقيح والوقاية ضدّ بعض الأمراض المنتشرة آنذاك، مثل مرض السلّ وأمراض معدية أخرى.ولكنّ صلاحياته في الميدان الصحّي كانت محدودة من السلطة الاستعمارية.وهو ما اضطرّه إلى مغادرة هذه الوزارة. رجع علي بوحاجب إلى صيدليّته بحيّ الحلفاوين بتونس ، تاركا نهائيّا النشاط السياسي، مثل جل أبناء جيله من رفاق الثعالبي من الحزب الدستوري القديم. ، بعد  إلى أن وافاه الأجل في شهر جوان1965 .

وعلي بوحاجب هو والد مصممة الأزياء سامية بوحاجب صاحبة العلامة التجارية فلة ، وخالد بوحاجب أحد رواد  صناعة مراكب الترفيه البحري في تونس.

وسيحفظ التاريخ أنّ علي بوحاجب كان أوّل تونسي حصل على ديبلوم صيدلة بجامعة فرنسيّة عصريّة وأنّه كان ناشطا في الحقل السياسي التحريري، كما أنّه أوّل تونسي شغل منصب وزير للصّحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *