طارق الكحلاوي : الموقف الامريكي

كتب على صفحته الشخصية على “فيسبوك” سياسي وأكاديمي تونسي والمدير العام السابق لالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية طارق الكحلاوي تدوينة في خصوص الموقفين الدولي والامريكي. اهم رسائل الأسابيع الأخيرة بعد تمديد إجراءات 25 جويلية ما يلي:

اولا، عندما سئل فريد بلحاج المسؤول الإقليمي للبنك الدولي (المؤسسة المالية الدولية الاهم بعد صندوق النقد) عما إذا كان من الضروري وجود برلمان للتفاوض مع الطرف التونسي أجاب (بلهجته التونسية): “كل بلاد وارطالها، وتونس سيدة نفسها.” ما يعني الإقرار باسم البنك الدولي على الاقل أن الفترة الانتقالية لا تعني ضرورة “عودة البرلمان” على الاقل في شكله السابق. اما الحكومة فحدد هويتها كالتالي “اقتصادية” وفترة عام أو عامين للقيام “بالإصلاحات”. للإشارة المؤسسات المالية الدولية المرتكزة في واشنطن ليست مجرد مؤسسات تقنية مجردة، هي ذراع مالي اساسا للقرار السياسي الامريكي مع حلفائها الغربيين.

ثانيا، الرسالة الثانية المهمة غياب أي رد فعل رسمي للإدارة الأمريكية اي السلطة التنفيذية المعنية باتخاذ القرار. كل ردود الفعل الأمريكية منذ التمديد كانت ردود فعل اساسا من الكونغرس وبقيت الإدارة صامتة بعكس المرة الفارطة. لا شك أن الكونغرس بغرفتيه مؤثر في صناعة السياسة الخارجية، لكن القرار يبقى بيد الإدارة. كيف يمكن تفسير هذا الصمت؟ في اعتقادي هو تغيير في المقاربة حيث فهمت واشنطن إن الضغط العلني يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية مع قيس سعيد. بالمناسبة الوفد الاخير تضمن موظفين كبيرين seniors من مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية وموظفين متوسطين juniors من مجلس الأمن القومي والخارجية (الاسماء موجودة وخلفيتهم جميعهم ديبلوماسية).

ثالثا، وفد الكونغرس القادم اليوم بعد زيارة لبنان وإسرائيل يتضمن عضوين اهمهما كريس مورفي وهو من السيناتورات الديمقراطيين المؤثرين في الادارة الامريكية، نظرا لعلاقته القديمة ببايدن، ولو أنه اختلف معه في عدد من الملفات مؤخرا. مورفي نشر رد فعل مكتوب منذ أكثر من أسبوع ونشر أيضا نواب آخرون مواقف في ذات الفترة معربين عن قلقهم من التمديد ودعوة قيس سعيد “للعودة إلى المؤسسات”. لا يمكن فهم شخصية مورفي أيضا دون فهم العلاقة القوية بينه وبين دولة قطر، وهو ما تجسم في زيارة الوزير الأول القطري محمد اول ثاني في 23 جويلية الماضي إلى الدائرة الانتخابية لمورفي اي Connecticut اين التقى المسؤول القطري برجال اعمال أمريكيين هناك. المشكل الان في زيارة مورفي أنها خلقت حالة من التوتر قبل حصولها وخاصة مقاطعة منظمات مثل الاتحاد والرابطة لدعوات اجتماع معه من قبل السفارة، وايضا بسبب نيته الجلوس مع برلمانيين تونسيين، قاطع بعضهم الدعوة أيضا. اخيرا اي لهجة تصعيدية من قبل مورفي لا تعني ضرورة أن الإدارة الأمريكية ستتبناها، تبقى هي الإدارة وهو سيناتور.

ملاحظة أخيرة: النزاع الأساسي القائم منذ 25 جويلية بين سعيد والموقف الامريكي ليس اساسا حول المسألة الديمقراطية بل هو حول من يتحكم في الحكومة، قيس سعيد عبر مقرب منه، ام مقرب من المؤسسات المالية الدولية. هناك فيتو امريكي-غربي ضد اسماء مقربة من قيس سعيد. وهناك تمنع من قيس سعيد لتسليم الأمر الاقتصادي لشخصية تتبنى بشكل كامل تصورات المؤسسات المالية الدولية.