سعيّد ماض في تأسيس دولة القانون والمؤسسات 

جدد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ دعمه للمسار الذي أعلنه قيس سعيد في 25 يوليو / تموز، معتبرا أن رئيس الدولة يعمل على إرساء دولة القانون والمؤسسات بعد المسار الخطير الذي انخرطت فيه البلاد بسبب منظومة الحكم التي تمّ وضعها بعد 2011 وسيطرة الانتهازية ومنطق الغنيمة على أطراف الحكم وعلى رأسهم حركة النهضة التي يرى بأنّها لا تؤمن بالديمقراطية وتسعى لتأسيس الدولة الدينية.

وفي حديثه لبرنامج ”جاوب حمزة”  على موزاييك، عاد محفوظ بالذاكرة إلى سنة 2011 والمسار الذي انطلق حينها وقال : ”بعد 14 جانفي كنت أعتقد ان تونس ماضية في طريق دولة القانون وانخرطت في مسار الإصلاح ولكني غُدرت ولم نذهب إلى الخيار الصحيح”.

وقال محفوظ إنه كان ضد اختيار المجلس التأسيسي منذ البداية وناقدا للآليات المعتمدة والمضامين والخيارات ما أدى إلى مشاكل بالجملة في البلاد،

الفصل 80…دستور داخل الدستور

ويعتبر محفوظ أنّ دستور جانفي 2014 ومنظومة الحكم التي تمّ ارساؤها كانت مغلقة إلى درجة أنّه لا يمكن فعل أيّ شيء، ولكنّه اعتبر أنّ الفصل 80 كان ”هدية” المنظومة التي حكمت وهو بمثابة النافذة التي أعطت جرعة أكسجين للحياة السياسية.

ويرى أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أنّه لم يكن هناك أيّ أمل في إرساء الديمقراطية في تونس في ظلّ منظومة الحكم التي كانت سائدة، رغم الصورة التي كانت توحي بذلك من انتخابات، وصفها بالمزوّرة، ومؤسسات تعطي انطباعا بحياة سياسية ديمقراطية لكنّها في الواقع أفضت إلى سلطة تنفيذية معطّلة وعدالة غائبة.

وبحسب محفوظ وتجلى الفشل في السلطة التشريعية وفي المنظومة القضائية، معتبرا أنّ تجميد حلّ البرلمان كان خيارا منقوصا واكتمل مع حلّ المجلس الأعلى للقضاء.

ويعتبر أستاذ القانون الدستوري أنّ سعيّد قلب الطاولة على منظومة الحكم، اعتمادا على الفصل 80 الذي وصفه بأنّه دستور داخل الدستور.

وبالنسبة إليه فإنّ دستور 2014 يؤسس لدولة دينية ولا يؤسس لدولة قانون ومؤسسات  خاصة في ظلّ موروث ثقافي وأغلبية لا تؤمن بالحرية والديمقراطية. كما أنّ دستور 2014 كرّس علوية المرجعية الدينية على النصّ الدستوري، وفقا لمحفوظ. وينضاف إلى كلّ هذا “قضاء” لم يكن قادرا على فرض العدالة ولا يحمي الحقوق والحريات وفق توصيفه.

وأبدى محفوظ ثقته في أنّ مشروع الرئيس قيس سعيّد  يهدف إلى إرساء دولة القانون والمؤسسات، وأنّ الفصل 22 من الأمر عدد 117 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 دليل على انخراطه في هذا التوجّه، مقلّلا من أهمية طبيعته المحافظ في فرض بعد ديني على الدولة بل على العكس تماما، مؤكّدا أنّ الرئيس ضدّ هذا الخيار.

القطع مع المنظومة 

وشدّد محفوظ على ضرورة القطع مع المنظومة برمتها وإرساء منظومة تقوم فعليا على دولة القانون والمؤسسات بدءا بتغيير القانون الإنتخابي الذي يجب أن تكون فكرته الجوهرية قائمة على فوز حزب يتحمّل بمفرده مسؤولية الحكم، ويفرز حزبا معارضا قويا.
كما يتطلب القطع مع منظومة الحكم تغيير قانون الأحزاب والجمعيات، الذي اعتبر أنّ تداعياته على الحياة السياسية كانت كارثية.