التقارب السعودي التركي

خلف خبر اسقاط الحوثيين طائرة تركية مسيرة نشر تقارير وتحليلات حول احتمالية حصول السعودية على دعم عسكري تركي لا سيما في مجال الطائرات المسيرة التركية الهجومية، في العمليات العسكرية للمملكة في اليمن، وتزامن ذلك مع التكهنات حول إمكانية حصول تقارب في العلاقات السياسية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

و كان اعلن  يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين على تويتر ان الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة نوع كاريال تركية الصنع تابعة لسلاح الجو السعودي أثناء قيامها بمهام عدائية في أجواء منطقة المرازيق في محافظة الجوف عصر يومنا هذا. تمت عملية الاستهداف بصاروخ مناسب لم يكشف عنه بعد.

وفي ظل عدم وجود أي تأكيد أو نفي رسمي من الجانبين التركي والسعودي، فإن المؤكد أن أي قرار تركي للقيام بعمليات عسكرية خارج البلاد يحتاج إلى إجراءات دستورية قطعية لا يمكن للحكومة على الإطلاق تجاوزها تحت أي ظرف من الظروف، ويمر ذلك من خلال استصدار طلب وزارة الدفاع من الرئاسة القيام بعمليات عسكرية في منطقة ما خارج البلاد قبيل قيام الرئاسة بتقديم طلب رسمي للبرلمان مع توضيح بمبررات هذا التدخل ويتم التصويت على الطلب في البرلمان الذي بيده قبول أو رفض طلب الرئيس.

وكما جرى في السنوات الأخيرة، تستصدر الرئاسة التركية أذونات متكررة من البرلمان تكون محددة بالمبررات وأعداد القوات ومدة العمليات وغيرها من التفاصيل. وطُبق ذلك في العمليات العسكرية التي قام ويقوم بها الجيش التركي في سوريا والعراق وليبيا وقره باغ والصومال وقطر وغيرها من المواقع التي ينتشر فيها الجيش التركي خارج البلاد.

اعلان الحوثيين إسقاط الطائرة التركية يأتي وسط أنباء عن “موافقة تركية على طلب سعودي لدعمها في اليمن”، كما نقل حساب مجتهد، السعودي المعارض على تويتر.

وقد يكون حزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على الإخوان المسلمين) هو صلة الوصل بين تركيا والسعودية في اليمن، فالسعودية تتعاون مع الحزب القريب إيديولوجياً من الحكومة التركية في نزاعها مع الحوثيين، كما يشارك الحزب في المعارك الأخيرة بمنطقة مأرب.

ورغم أن مسألة مشاركة تركيا في حرب اليمن إلى جانب السعودية لاتزال في إطار التكهنات، وسط غياب مصادر رسمية حتى الآن، إلا أن ذلك قد لا يكون مستبعداً، إذا أخذنا في الاعتبار التدخلات التركية الأخيرة في كل من ليبيا وإقليم ناغورني كاراباخ.

تقارب على حساب الإمارات؟
وكانت مصادر يمنية مقربة من تركيا تحدثت نهاية العام الماضي عن تقارب بين تركيا والسعودية في اليمن، إذ نقلت مواقع يمنية عن وزير النقل السابق في حكومة هادي، صالح الجبواني، والمعروف بقربه من تركيا، وجود “تحالف وشيك بين السعودية وتركيا في اليمن”، مشيراً إلى أن التحالف الجديد “يستهدف إنهاء أطماع عيال زايد (الإمارات)” في المنطقة. وأشار حساب “مجتهد” أيضاً أن قبول تركيا الطلب السعودي بمساعدتها في اليمن جاء “بشروط تغيظ الإمارات”، دون أن يكشف عن تلك الشروط.

وكانت وكالة “بلومبيرغ” قد ذكرت في تقرير لها أن الإمارات تريد تحسين العلاقات مع تركيا بشرط أن تتخلى تركيا عن دعم جماعة الإخوان المسلمين، لكن الوكالة أشارت إلى أن التحركات الإماراتية تجاه تركيا “مؤقتة بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد والصراع على النفوذ”.

وأكدت “بلومبيرغ” في تقرير آخر أن الإمارات العربية تعمل على تقليص دورها في الصراعات الخارجية، وتسريع وتيرة التخلي عن السياسات التي اتبعتها بعد الربيع العربي عام 2011 ، لأسباب من بينها وجود إدارة جديدة في الولايات المتحدة.

واستشهدت “بلومبيرغ” بخفض الإمارات الدعم العسكري واللوجيستي لخليفة حفتر في ليبيا، وتفكيك أجزاء من قاعدتها العسكرية بميناء في إريتريا، بالإضافة إلى إجلاء قوات ومعدات كانت تستخدمها قوات التحالف في اليمن. وربطت الوكالة بين هذا التحرك وبين وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض وما يعنيه ذلك من إعادة ضبط للعلاقات مع الحلفاء الخليجيين. وكان بايدن أشار إلى أنه سيكون أقل تسامحاً مع انخراط حلفاء الولايات المتحدة في صراعات تقوض أهداف واشنطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *